موقف أبي البقاء العکبري من النحاة ومعربي القرآن الکريم في کتابه «التبيان في إعراب القرآن» جمع وتقويم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

فإن من أوليات الحفاظ على الذات الحضارية ، علم المرء بلغته ، وقدرته على التعبير والإبداع  العلمي فيها في کل النواحي  المختلفة للعلوم.
کما أن من المعلوم أن اللغة إذا کانت تحيا بترکيبها فإنها تحيا بأهلها ، وتحظى بالذيوع والانتشار عندما يکونون قد حققوا إنجازات يعتد بها في التطور الحضاري في العالم .
ولکن الإنسان حين يستعرض حال العربية الفصحى في البلاد العربية اليوم أن يجزم بأن هذه اللغة تعيش أزمة حادة تتمثل في عزلتها – مفردات وتعبيرات – عما يجري على ألسنة الناس في کل مکان ، فالکثير مما يستخدمه الناس مستورد وموضوع بلفظه کالأجنبي ، ومن ثَمَّ يعرفه الناس بتلک الألفاظ الدخيلة على اللغة العربية ، وهذه محنة أخرى من المحن التي ابتليت بها اللغة العربية ، إضافة إلى الضعف العام الذي أصابها على ألسنة الکثير من قطاعات المجتمع عامة؛ لذا کان الهدف من دراسة علوم اللغة العربية تربية الملکة العربية السليمة التي تجعل غير الفصيح ينسج على منوال الفصيح الذي ورد عن العرب ، وأجد أن هذه الملکة تبنى على أمرين :
أحدهما: معايشة النصوص والأساليب والتمرس بها حتى يعرف الدارس فنون الأساليب وأنواع الکلام الفصيح ودروبه .
والثاني : دراسة مواقع الکلم في هذه الأساليب ، ومعرفة القاعدة والحکم الذي يضبط ذلک، فکان الواجب أن تدخل الحياة على دراسة اللغة بالإکثار من الأمثلة والأساليب العربية الفصيحة ، وما من شک في أن قمة الأساليب العربية هي الأساليب التي وردت في کتاب الله تعالى ؛ فينبغي أن يکون کتاب الله هو المعين الأول لدراسة اللغة بالوقوف أمام الأسلوب واستنباط القاعدة منه .